الهروب إلى الشاشات: متى يصبح استخدام الإنترنت إدمانًا؟
في زمن أصبح فيه الهاتف الذكي امتدادًا لأيدينا، والإنترنت رفيقًا دائمًا، قد لا نلاحظ متى ننتقل من الاستخدام الطبيعي إلى الاستخدام القهري… إلى الإدمان. السؤال هنا: متى يصبح الإنترنت خطرًا على صحتنا النفسية؟ ومتى يجب أن ندق ناقوس الخطر؟
🧠 ما هو إدمان الإنترنت؟
إدمان الإنترنت ليس مجرد استخدام مفرط، بل هو اضطراب سلوكي نفسي يتمثل في فقدان السيطرة على وقت الشاشة، مع الشعور بالتوتر أو الاكتئاب عند الانقطاع، والإصرار على العودة رغم العواقب الاجتماعية، الصحية، أو المهنية.
هذا الإدمان يحفز نفس مناطق الدماغ المرتبطة بالمكافأة واللذة، تمامًا كإدمان المواد، خاصة عند الانتقال من فيديو لآخر، انتظار تفاعل على منشوراتنا، أو الغوص في الألعاب الإلكترونية لساعات.
📱 إشارات تنذر بالخطر:
انتبه لهذه الإشارات الحمراء:
* استخدام الإنترنت أكثر بكثير مما خططت.
* التفكير المستمر في التصفح حتى وأنت بعيد عن الجهاز.
* فقدان الشغف بالأنشطة الأخرى (العلاقات، الهوايات، العمل/الدراسة).
* تغير في نمط النوم، قلق، أو مزاج متقلب.
* الشد العصبي أو الكآبة عند انقطاع الإنترنت أو منع استخدامه.
* الكذب بشأن المدة التي تقضيها على الإنترنت.
👶 ماذا عن الأطفال والمراهقين؟
في هذه المرحلة الحرجة من نمو الدماغ، يكون الأطفال والمراهقون أكثر عرضة لتأثيرات الشاشات:
* انخفاض التحصيل الدراسي.
* ضعف التركيز والانتباه.
* اضطرابات النوم.
* الانعزال الاجتماعي.
* نوبات غضب أو اكتئاب عند سحب الهاتف أو الحاسوب.
الأخطر؟ أن الطفل لا يدرك المشكلة، بل يعتبر الإنترنت "حقًا" طبيعيًا!
🧩 التأثيرات النفسية والجسدية:
إدمان الإنترنت لا يضر فقط بالصحة الجسدية (العين، الرقبة، الظهر)، بل يترك أثرًا عميقًا في الصحة النفسية:
* القلق والاكتئاب.
* ضعف تقدير الذات.
* الشعور بالفراغ والوحدة رغم كثرة "الأصدقاء" الافتراضيين.
* اضطراب العلاقات الأسرية والعاطفية.
* فقدان مهارات التواصل الواقعي.
وقد تتفاقم الحالة إلى نوبات فزع، سلوك عدواني، أو حتى أفكار انتحارية في بعض الحالات المتقدمة.
⚠️ متى نلجأ للمساعدة النفسية؟
الكثيرون يعتقدون أن بإمكانهم "التحكم" متى أرادوا، لكن الإدمان بطبعه خادع ويدخل الشخص في دائرة الإنكار. لذا، إذا لاحظت أيًا من العلامات السابقة، أو بدأت تشعر بأنك "تعيش" على الإنترنت أكثر من الواقع، فلا تؤجل طلب المساعدة.
اللجوء إلى استشارة نفسية مبكرة يساعد في:
* تحديد درجة الإدمان.
* وضع خطة علاجية مناسبة (سلوكية، معرفية، أو دوائية إن لزم).
* إعادة التوازن لحياتك الواقعية.
* تحسين علاقتك بذاتك وبالآخرين.
💬 خلاصة:
الإنترنت أداة رائعة للتعلم والتواصل، لكنه قد يتحول إلى قيد خفي يسلبك صحتك ووقتك وطاقتك النفسية. لا تدع الأمر يتفاقم حتى تنهار علاقاتك، أو صحتك النفسية، أو قدرتك على الاستمتاع بالحياة.
إذا شعرت أن الشاشات بدأت تسحبك من الواقع… توقف، قيّم، وتواصل مع مختص نفسي.